الجمعة الثامنة والأربعين / السادس من ذي الحجة 1434هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثامنة والأربعين ( 48 ) من عام 1434 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتوافق : 1434 /12 / 6

بحمد الله تعالى وبما أننا في هذه العشر المباركة  وفي موسم الحج نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الأعمال  ، تسآلت عن حج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، حيث حج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حجته الوحيدة والمسماة حجة الوداع  أو حجة الإسلام أو حجة البلاغ  صلى الله عليه وسلم فهل حج غيره من الأنبياء ؟

وفي سؤال للشيخ محمد الصالح المنجد في موقعه الإسلام سؤال وجواب ما يشفي ويكفي جزاه الله خيرا

السؤال :  هل كل الأنبياء الذي أُرسلوا للبشرية قاموا بفريضة الحج ؟    وهل سيؤدي عيسى عليه السلام الحج حين يعود للأرض ؟

هل هناك حديث في هذا الشأن ؟

الجواب : الحمد لله اختلف العلماء في هذه المسألة ،    فقيل : حج الأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام البيت ، من لدن آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم .

قال أبو المعالي الجويني رحمه الله في “نهاية المطلب” (4/ 125): ” قيل: ” أول من حج البيت آدم عليه السلام  ” ، وقيل : ” ما من نبي إلا وقد حج هذا البيت ” انتهى .

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في ” الفتاوى الفقهية ” (2/ 120) : ” مَا مِنْ نَبِي إلا حجَّ البيتَ ، خلافا لمن استثنى هودا وصالحا ” انتهى  ،  وقال ابن علان رحمه الله :” وقال ابن إسحاق: لم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا حج ، والذي صرح به غيره أن ما من نبي إلا حج ” انتهى من “دليل الفالحين” (7/ 71) .

وعن ابن أبي لبيد عن محمد بن كعب القرَظي ـ أو غيره – قال  : ” حج آدم فلقيته الملائكة فقالوا برّ نسكك يا آدم ” “البداية والنهاية” (2/ 299) .

– وقيل : حج البيت كل الأنبياء إلا صالحا وهودا عليهما السلام .

فقال ابن إسحاق في “السيرة” (ص 95) :حدثني ثقة من أهل المدينة عن عروة بن الزبير أنه قال : ” ما من نبي إلا وقد حج البيت، إلا ما كان من هود وصالح ، ولقد حجه نوح ، فلما كان من الأرض ما كان من الغرق أصاب البيت ما أصاب الأرض ، فكان البيت ربوة حمراء ، فبعث الله تعالى هوداً ، فتشاغل بأمر قومه ، حتى قبضه الله عز وجل إليه ، فلم يحجه حتى مات ، ثم بعث الله تعالى صالحاً فتشاغل بأمر قومه ، فلم يحجه حتى مات ، فلما بوأه الله عز وجل لإبراهيم حجه ، ثم لم يبق نبي إلا حجه “. ورواه البيهقي (5/ 288)    ،  عن عروة بن الزبير مختصرا قال : ” ما مَنْ نبي ٍ إلا حجَ البيتَ إلا ما كانَ مِنْ هودٍ وصالح ٍ ”     قال ابن كثير رحمه الله : “” وقد قدّمنا حجهُما إليه ، والمقصودُ الحجُ إلى محلِهِ وبُقعتِهِ ، وإن لم يكنْ ثَمَ بناءٌ ، والله أعلم ”  انتهى من “البداية والنهاية” (2/ 299) .

– وقيل : حج البيت من الأنبياء خمسة وسبعون نبيا .

فعن مجاهد قال : ” حج خمسة وسبعون نبيا كلهم قد طاف بالبيت ” . انتهى من “أخبار مكة” للأزرقي (1 /45) .

– وقيل : حج البيت كل نبي بعد خليل الله إبراهيم عليه السلام .

قال الأزرقي رحمه الله في “أخبار مكة” (1/43) : ” ذكر حج إبراهيم عليه السلام وأذانه بالحج وحج الأنبياء بعده ، وطوافه وطواف الأنبياء بعده ” ، ثم ذكر عن ابن إسحاق قال : ” كان إبراهيم عليه السلام يحجه كل سنة على البراق ، قال : وحجت بعد ذلك الأنبياء والأمم ” .       

وأمثل هذه الروايات من حيث الإسناد : ما ورد أن البيت قد حجه سبعون نبيا :    روى الطبراني في “المعجم الكبير” (12283) عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( صلى في مسجدِ الخَيْفِ سبعونَ نبيا ، منهم موسى ، كأني أنظرُ إليه وعليه عباءتانِ قَطْوانِيتان ، وهو مُحرمٌ على بعيرٍ من إِبلِ شَنُوءةَ ، مخطُوم بخطامٍ مِنْ ليفٍ له ضَفْرَانِ “

وحسنه الألباني في “صحيح الترغيب” (1127) .

وَعَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد مر بالروحاء سبعون نبيا فيهم نبي الله موسى عليه السلام ، حفاة عليه العباء ، يؤمون بيت الله العتيق )  ، قال المنذري رحمه الله :” رواه أبو يعلى والطبراني ولا بأس بإسناده في المتابعات ، ورواه أبو يعلى أيضا من حديث أنس بن مالك ” انتهى ” من الترغيب والترهيب ” ( 2 / 118 ) .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: ” لقد سلك فج الروحاء سبعون نبيا حجاجا  ” .   انتهى من “أخبار مكة” للأزرقي (1 /49) .

وروى أحمد في ” الزهد ” (ص34) عن مجاهد قال : ” حج البيت سبعون نبيا منهم موسى بن عمران عليه السلام ” .

ولا يمنع صحة الرواية بهذا العدد ، أن يكون قد حج غيرهم ؛ كل ما في الأمر أن ما فوق ذلك لم يرد في حديث صحيح مرفوع فيما علمنا ، فنقتصر على ما جاءت به السنة الصحيحة ، وما عدا ذلك لا نثبته ولا ننفيه ، وليس في العلم به كبير فائدة تُرجى ، وعلى المسلم إن كان قد حج أن يحمد الله ، وإن لم يكن حج فليسع في حجه وليسأل الله أن ييسره له .

ثانيا : ثبت أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان ، وأنه يهل بالحج أو العمرة أو بهما معا .

فروى مسلم (1252) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده لَيُهِلَّنّ ابنُ مريمَ بفجِ الروحاءِ ، حاجا أو معتمرا أو ليثنينهُما )    ورواه ابن حبان (6820) وبوب له : ” ذكر الإخبار بأن عيسى بن مَرْيَمَ يحج البيت العتيق بعد قتله الدجال  ” .       ومعنى ( ليهلن ) : أي : ليلبين بالحج أو بالعمرة أو بهما معا ، و( فج الروحاء ) : مكان بين مكة والمدينة .

قال النووي رحمه الله : راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (22466) .  ( وهذا يكون بد نزول عيسى عليه السلام من السماء آخر الزمان ) انتهى .  والله أعلم .         موقع الإسلام سؤال وجواب

وإتماما للفائدة ألحق هذا من نقل أخينا إحسان العتيبي في موقع ملتقى أهل الحديث  ، قال النووي رحمه الله  :

قال القاضي عياض رحمه الله : أكثر الروايات في وصفهم تدل على أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك ليلة أسري به وقد وقع ذلك مبينا في رواية أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما  , وفي رواية ابن المسيب عن أبي هريرة , وليس فيها ذكر التلبية .

= قال : فإن قيل  : كيف يحجون ويلبون وهم أموات وهم في الدار الآخرة وليست دار عمل  ؟ 

فاعلم أن للمشايخ وفيما ظهر لنا عن هذا أجوبة :

 

أحدها : أنهم كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا كما ورد في الحديث الآخر وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا لأنهم وإن كانوا قد توفوا فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل حتى إذا فنيت مدتها وتعقبتها الآخرة التي هي دار الجزاء انقطع العمل .

الوجه الثاني : أن عمل الآخرة ذكر ودعاء قال الله تعالى { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام … } .  (يونس 10 )

الوجه الثالث : أن تكون هذه رؤية منام في غير ليلة الإسراء ، أو في بعض ليلة الإسراء  ، كما قال في رواية ابن عمر رضي الله عنهما ” بينا أنا نائم رأيتني أطوف الكعبة ” وذكر الحديث في قصة عيسى صلى الله عليه وسلم .

الوجه الرابع : أنه صلى الله عليه وسلم أري أحوالهم التي كانت في حياتهم ومثلوا له في حال حياتهم كيف كانوا وكيف حجهم وتلبيتهم كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كأني أنظر إلى موسى , وكأني أنظر إلى عيسى , وكأني أنظر إلى يونس عليهم السلام .

الوجه الخامس : أن يكون أخبر عما أوحي إليه صلى الله عليه وسلم من أمرهم وما كان منهم وإن لم يرهم رؤية عين .

هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله . 

  والله أعلم . وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اترك تعليقاً