الجمعة الخمسين / العشرون من ذي الحجة لعام 1439هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثالثة بعد الثلاثمائة ( 303) في تعداد الجمع ، و الخمسين (50) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 20/ 12 / 1439 هـ ) بحسب الرؤية .

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

المحدث الشيخ  : صالح بن أحمد الشامي- حفظه الله –  له كتب في الحديث مميزة  ومما في خزانتي من إنتاجه (زوائد ابن خزيمة وابن حبان والمستدرك على الكتب الستة )  ، وكتاب (رحلتي في ظلال السنة النبوية  ) ، وله غيرها ولكن ليس في خزانتي  منها شيء،  وبين يدي اليوم كتاب آخر له بعنوان ( الإمام ابن الجوزي يتحدث عن نفسه وآراؤه في الإصلاح )  طبعته دار القلم الطبعة الأولى ( 1436 ) . وهو خلاصة تجربة (  ابن الجوزي  -رحمه الله – ) التي صبها في صيد الخاطر، فجاء الكتاب تحت فصول هي ( إصلاح النفس ، إصلاح الأسرة ، إصلاح المجتمع ، إصلاح العلماء ، إصلاح المتصوفة والزهاد ) والمؤلف يجمع من أكثر من خاطرة ( صيد ) في أصل الكتاب ،  متقاربة أو متباعدة  ، ثم  ينتظمها سياق الفكرة لتتجمع الصورة الكلية متتابعة في سياق واحد  …   قال  في الفصل الثالث  : في ( إصلاح الأسرة )   في الباب ( 4 )  :

مد النظر إلى الزوجة الثانية  ( والعنوان من وضع الشامي ):

أكثر شهوات الحسِّ النساء. وقد يرى الإنسان امرأة في ثيابها، فيتخايل له أنها أحسن من زوجته، أو يتصور بفكره المستحسنات، وفكره لا ينظر إلا إلى الحسن من المرأة، فيسعى في التزوج  والتسري ، فإذا حصل له مراده، لم يزل ينظر في العيوب الحاصلة، التي ما كان يتفكر فيها، فيمل، ويطلب شيئًا آخر، ولا يدري أن حصول أغراضه في الظاهر ربما اشتمل على محن، منها أن تكون الثانية لا دين لها، أو لا عقل، أو لا محبة لها، أو لا تدبير، فيفوت أكثر مما حصل!فهي أولا :  لابد أن تكون ذات اقتصاديات ضعيفة حتى يمكن النفاذ إليها ، ثم هي مصدر للإمداد بالمواد الأولية ، وساحة للعب

وهذا المعنى هو الذي أوقع الزناة في الفواحش؛ لأنهم يجالسون المرأة حال استتار عيوبها عنهم، وظهور محاسنها، فتلذُّ لهم تلك الساعة، ثم ينتقلون إلى أخرى!

فليعلم العاقل أن لا سبيل إلى حصول مراد تام، كما يريد، {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] ، وما عيب نساء الدنيا بأحسن من قوله عز وجل: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] .

وذو الأنفة يأنف من الوسخ صورة، وعيب الخلق معنى، فليقنع بما باطنه الدين، وظاهره الستر والقناعة، فإنه يعيش مرفه السر، طيب القلب، ومتى استكثر؛ فإنما يستكثر من شغل قلبه، ورقة دينه.

فليتق الله من عنده امرأة لا بأس بها، وليعرض عن حديث النفس ومناها، فما له منتهى .

فالسعيد من إذا حصلت له امرأة أو جارية فمال إليها ومالت إليه، وعلم سترها ودينها، أن يعقد الخنصر على صحبتها.
وأكثر أسباب دوام محبتها أن لا يُطلِق بصره، فمتى أطلق بصره أو أطمع نفسه في غيرها، فإن الطمع في الجديد ينغص الخُلق وينقص المخالطة، و يستر عيوب الخارج، فتميل النفس إلى المشاهد الغريب، ويتكدر العيش مع الحاضر القريب، كما قال الشاعر:
والمرء ما دام ذا عين يقلبها … في أعين الحور موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضرّ مهجته … لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

ثم تصير الثانية كالأولى، وتطلب النفس ثالثة وليس لهذا آخر، بل الغض عن المشتهيات، ويأس النفوس من طلب المستحسنات، يطيب العيش مع المعاشر.

ومن لم يقبل هذا النصح تعثر في طرق الهوى وهلك على البارد، وربما سعى لنفسه في الهلاك العاجل، وفي العار الحاضر.

 فإن كثيراً من المستحسنات لسن بصيِّنات ولا يفي التمتع بهن بالعار الحاصل ،  ومنهن المبذرات في المال، ومنهن المبغضة للزوج وهو يحبها كعابد صنم.
وأبله البُله الشيخ الذي يطلب صبية… 

ومجموع ما قد بسطته حفظ البصر عن الإطلاق، ويأس النفس عن التحصيل، قنوعاً بالحاصل خصوصاً من قد علت سنه …

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

اترك تعليقاً