الجمعة الثانية والاربعين / الرابعة والعشرين من شوال لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الرابعة والتسعين بعد المائة (194) في تعداد الجمع ، والثانية والأربعين ( 42 ) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 10 / 24 ) بحسب التقويم

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : كما بدأنا في الأسبوع الماضي :

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، نتائج محاكمات الانقلاب في تركيا أخذت حيزا من أخبار هذا الأسبوع ، فاللهم أسمعنا خيرا وهيئ للأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك ، وربنا سبحانه لا يقدر إلا الخير .

وسمعنا مما سمعنا اسم ( محمد كولن )   وأن له علاقة بالانقلاب فمن هو كولن هذا ؟

قبل البدء : في مختارة ( 171 ) ذكرت كتاب (الدكتور ( صالح بن عبدالله بن مسفر الحسّاب الغامدي )  وكتابه الجميل  ( عندما يكون العم سام ناسكا ) دراسة تحليلة نقدية لموقف مراكز البحوث الأمريكية من الصوفية ) وهو في الأصل رسالة دكتوراة  ، الطبعة الأولى عام ( 1436 هـ ) ، من مركز الفكر المعاصر ، ومما جاء في الكتاب من ص ( 285 ) : المبحث الثالث : موقف مراكز البحوث الأمريكية من رموز التصوف ونقده : … فسيكون الحديث في هذا المبحث على هيئة أمثلة أضربها كشواهد لعناية واهتمام مراكز البحوث الأمريكية برموز التصوف ، المعاصرين منهم والأقدمين ، وذلك على النحو التالي :

أولا : مؤسسة راند :

تدرك مؤسسة (راند)  أهمية الشيخ ( الرمز ) في الوسط الصوفي فتقول على سبيل المثال في تقرير ” العالم المسلم بعد ( 11/ 9 ) ( الحادي عشر من سبتمبر )  : وغالبا ما تكون القيادة الجذابة هي العنصر المحوري في الممارسات الصوفية ، وغالبا ما يؤسس مشايخ الطرق الصوفية موطئ قدم لهم ضمن القطاع السياسي ” .

وهذا توصيف دقيق من مؤسسة (راند) ، إذ من المعلوم المشتهر أن مشيخة الطرق الصوفية لا تعتمد على العلم الشرعي بقدر ما تعتمد على جاذبية ذلك الشيخ لمريديه عبر اعتقادهم الولاية فيه ، إلى حد أن تلك الولاية يرثها ابن ذلك الشيخ عبر وراثة ” سر ”  الطريقة  من أبيه !! ، وإن لم يكن له أبناء فيرثها منه أحد تلاميذه ، ممن أخذ ” السر ” عن شيخه !! وهكذا فالجاذبية المزعومة المعززة بدعوى الولاية والكرامات ، هي حلقة الوصل بين الشيخ ومريديه في التصوف . ( قال في الهامش : أنبه هنا إلى أن الرمز عند المتصوفة اتسعت دائرته اليوم لتشمل ، بالإضافة إلى مشايخ الطرق ، كل من يتبنى الأفكار الصوفية في حراكه الدعوي ، وهذا من التطور الذي طرأ على التصوف في هذا الزمان …) ا. هـ.

ثم قال المؤلف : ولذلك سنلاحظ هنا أيضا عناية مراكز البحوث الأمريكية بتحديد أسماء مشايخ الصوفية المعاصرين  ، وذلك لأنهم يدركون أن التصوف يقوم على تقديس الشيوخ ( الأحياء منهم والأموات ) ، سمتها مؤسسة ( راند ) ( القيادة الجذابة ) ، ولذا فالشيخ (الرمز) هو العنصر الجوهري في التعامل مع التصوف ، بخلاف “السلفية ” التي تقوم على العلم الشرعي ( اتباع الكتاب والسنة ) ولا قداسة لأحد ، ولا اتباع لأحد إلا بمقدار قيامه وعنايته بالعلم الشرعي قولا وعملا .

 

ومن أبرز الرموز الصوفية التي تناولتها مؤسسة (راند) : التركي ( فتح الله كولن ) الذي تنسب إليه ( حركة كولن ) : قال في الهامش ( محمد فتح الله كولن ، ولد عام 1941 م بأرضوم شرقي تركيا ، تأثر كثيرا برسائل النور لسعيد النورسي ، واشتغل بالوعظ والمحاضرات الدينية والتأليف ، وهو رجل مؤثر حاضر الدمعة ، سافر عام ( 1999 ) إلى أمريكا واستقر بها ( قال أبو حكيم : زعمت  بعض الأخبار – إن صدقت –  إنه خرج بحجة العلاج هربا من طلب للجيش من الحكومة بإيقافه وإيقاف أعمال حركته ( حركة خدمة ) والله أعلم ) ، ومنها يدير حركته الضخمة ويعيش “كولن ” هناك بين مريديه ، حيث لم يتزوج ، متابعا في ذلك النورسي ، الذي عزف عن الزواج ومات أعزبا !، ( قال أبو حكيم : ولعل الأصوب (عزبا )) ويتابع “كولن” النورسي أيضا في التحذير من السياسة ، بل إنه يرى أن تسيسس الإسلام خيانة كبرى لروح الإسلام ! ويرى “كولن” أيضا أن تطبيق الشريعة مسألة شخصية ، والحجاب بالنسبة للمرأة عادة لا أكثر  ، احتل ” كولن” المرتبة الأولى في قائمة ( أهم مائة عالم ) في استطلاع أجرته مجلتا ( فورين بوليسي ) الأمريكية ، و ( بروسبيكت ) البريطانية ، عام ( 2008 م ) وأنشأت عدة جامعات في أمريكيا واندونيسيا وأستراليا أقساما خاصة باسم ” كولن” ( كرسي أكاديمي ) ، ومراكز علمية متخصصة ، وانعقدت مؤتمرات وندوات دولية عديدة في جامعات عالمية ، لدراسة أطروحاته ونظرياته الدعوية والفلسفية والإصلاحية والتربوية ).  ( قال أبو حكيم : انظر من اهتم به تعرف ثمرة نتاجه ،  (وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ … ) البقرة 120 .

أما( حركة كولن )  فهي حركة فكرية بدأها ( كولن ) في عام ( 1990 م )  ويطلق عليها في تركيا ( حركة خدمة ) وهي تقوم على أساس من المرونة ( التساهل ) والتفاهم بين الأديان والأفكار ، وقد أخذت بعدا كبيرا بعد لقاء ( كولن ) ببابا الفاتيكان عام ( 1998 م ) ، وقد لقيت هذه الحركة قبولا رسميا في تركيا وخارج تركيا ، فأثنى عليها وعلى صاحبها زعماء وقادة العلمانية التركية  ، كالرؤساء ( “سليمان ديميريل” ، و”طورغوت – نعرفه بتوركت –  أوزال”  ، و ” بلند أجاويد ” ) ورؤساء الوزراء  ك ( ” يلدريم آق بولوط ”  و ” مسعود يلماز ” ) وكذلك ممثل الفاتيكان في تركيا ”  جورج موروفيج ” وبطريك الروم في تركيا ” بارثولوميوس ” ولأجل هذا القبول العلماني أصبحت  حركة ” كولن ” اليوم عبارة عن شبكة ضخمة من المدارس والمؤسسات الإعلامية ، والثقافية والتجارية ومالية منها أكثر من ( 1500 ) مؤسسة تعليمية بمختلف مراحل التعليم  ، بإضافة إلى ( 15 ) جامعة  وذلك في أكثر من ( 140 ) دولة حول العالم منها أمريكا ، وأبرز سمة لهذه المؤسسات التعليمية أنها تتفق مع المناهج العلمانية التركية ، ولا تطبق أي برامج أو مناهج دينية ( أي أنها ليست مدارس دينية كما يظنها البعض ) .

 

تقول عنه مؤسسة ” راند ” في تقريرها (إسلام حضاري ديمقراطي ) بعد أن جعلته من زعماء التجديد في الإسلام !!  : ( يقدم فتح الله غولين ) صيغة لتحديث الإسلام شديدة التأثر بالصوفية ، ويركزعلى التنوع والتسامح واللاعنف ) .

وفي تقريرها ( بناء شبكات مسلمة معتدلة )  والذي جعلت فيه الصوفية أحد الشركاء المرتقبين لأمريكا ، فقد ضربت مثلا لذلك الشريك المرتقب ” فتح الله كولن ” إذ تقول عنه : ( ويشجع القائد الديني التركي ” فتح الله كولن ” الإسلام الصوفي الحديث المعتدل ، حيث أنه يعارض تنفيذ الدولة للقانون الإسلامي ، مشيرا إلى أن معظم اللوائح الإسلامية تتعلق بالحياة الخاصة بالأفراد ويهتم القليل منها بأمور الحكم ، فالدولة – كما يعتقد هو – لا ينبغي أن تطبق أو تنفذ الشريعة الإسلامية ، لأن الدين مسألة شخصية فمتطلبات وقوانين عقيدة بعينها لا ينبغي أن يتم فرضها على السكان ككل ، كما وسع ” كولن ” من فكرته الخاصة والمتعلقة  بمبدأ التسامح والحوار  المتبادل مع كل المسيحيين واليهود ، حيث تقابل مرتين مع البطريك ” بارثولوميوس ” رئيس البطريركية المسيحية الأرثوذكسية  اليونانية بإسطنبول ،  كما زار البابا في روما ( 1998 ) وتلقى دعوة لزيارة الحاخام الإسرائيلي  ، حيث يؤكد  ” كولن ” على تماشي مبادئ الدين الإسلامي مع مبادئ الديمقراطية كما يقبل الحجة القائلة بأن فكرة المذهب الجمهوري تتطابق بشكل كبير مع المفاهيم الإسلامية للشورى .. وقد كان ” كولن” من المعارضين لأي من الأنظمة الدكتاتورية المؤيدة لإخضاع الفرد وحقوقه إخضاعا كاملا لمصلحة الدولة  ، والتي ربما تفرض قيودا على الأفكار  ، كما أنه شديد النقد لكل من النظام الإيراني والنظام في المملكة العربية السعودية  ، كما دأب على وجهة نظره الخاصة ، بأن الخبرة والتفسير التركي للإسلام يختلف عن البلدان الأخرى خاصة البلاد العربية  ،  كما كتب ” كولن” عن ( الإسلام الأناضولي ) والذي يرتكز فيه عل مبادئ التسامح والبعد عن فرض قيود مشددة أو التعصب ) . ا. هـ

وأخيرا وجهة نظر أخرى ذكرها الدكتور محمد السعيدي في موقعه الرسمي على هذا الرابط : 

اضغط هنا

ولعلك تجد بعض ما طلبه في ثنايا نقلي من كتاب الدكتور الغامدي . 

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

اترك تعليقاً