الجمعة التاسعة / التاسع والعشرين من صفر لعام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الحادية والستين بعد المائة (161) في تعداد الجمع ، وهي التاسعة ( 9) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / صفر /29 ) بحسب التقويم .

الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد

أحمد بن عبدالحليم بن تيمية – رحمه الله تعالى – من علماء الحنابلة قال الشيخ بكرأبو زيد رحمه الله  : ( المجتهد المطلق … أحد أذكياء العالم وأفراده في الحفظ والعلم والعمل ) . و أكاد أجزم أن لا درس في علوم الشريعة بمختلف مشاربها إلا ويرد له اسما – رحمه الله – وسبحان ربنا مبتلي المؤمنين من عباده  فإنه – رحمه الله – تعرض لمحن تزلزل الجبال فصبر وثبت بل كان في غاية الرضى والتسليم ولعل هذا مصداق لحديث مصعب بن سعد عن أبيه – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل: يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صُلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقةً ابتُلِيَ على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة). الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، برقم 2398، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء، برقم 4023، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 2/ 565، وفي صحيح ابن ماجه، 2/ 371، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 143 . ( التخريج منقول من المكتبة الشاملة  من كتاب  تبريد حرارة المصيبة عند موت الأحباب وفقد ثمرات الأفئدة وفلذات الأكباد في ضوء الكتاب والسنة ) .  

ولكن لا ينقضي عجبك -في زمن العجائب والليالي حبلى بكل عجيبة – ،  أن تسمع من يدعو إلى ترك تراث ابن تيمية بل إلى إحراقه بل إن أحدهم  أراد – بسقيم فهمه وقلة بضاعته إن كان لديه بضاعة أصلا -أن يكون يوما عالميا لحرق كتب ابن تيمية ولو بصورة رمزية – وهذا والله من عجائب هذا الزمن  بل هي الفتن وزمن الرويبضة- كفانا الله شرها وشرهم  –  وحجتهم في ذلك أن (الدواعش ) أخذوا من فتاويه – رحمه الله تعالى وجيروها لصلحهم وفهموها بفهمهم السقيم . فإذا ابن تيمية شيخ لهم ؟؟!!!! . 

فمن هنا هاكم كتاب ( الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ( 661 – 728 هـ ) خلال سبعة قرون ) ، جمعه ووضع فهارسه (محمد عزيز شمس و علي بن محمد العمران)   وقدم له فضيلة الشيخ العلامة رئيس المجمع الفقهي سابقا وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ ( بكر بن عبدالله أبو زيد المتوفى عام ( 1428 هـ )) – رحمه الله تعالى رحمة واسعة –  ومما قاله في المقدمة :  ( فهذه بقية خير مما ترك الأولون على امتداد نحو سبعة قرون ، من عام ( 661 ) حتى عام ( 1300 ) حوت ثمان وستين صفحة مشرقة من صحائف الأبرار ، مدونة في ثمانية وستين كتابا من كتب السير والتاريخ والأخبار ، أوعبت نحو سبع مائة صفحة ، كتبها تسعة وأربعون عالما من علماء الإسلام من شتى الأقطار ، عربا وعجما ، شاما وعراقا ، ومصرا وحجازا ويمنا ، مشرقا ومغربا ، على اختلاف مذاهبهم الإسلامية ، وتنوع مشاربهم العقدية ، كل حسب وسعه ، ومبلغ علمه ، وجادّته في تأليف كتابه ، جميعها في سيرة شيخ الإسلام … ) طبعته دار عالم الفوائد طبعته الأولى عام ( 1420 ) . في ( 700 صفحة )  وهذا لتقف على سيرته رحمه الله  .

 أما ما أنقله لكم اليوم من فتاويه  في مجموع الفتاوى  طبعة مكتبة العبيكان ( 20 مجلدا بالفهارس )  بعناية ( عامر الجزار  وأنور الباز )جاء في صفحة ( 594 ) من المجلد ( 14 ) رسالة طويلة  من ابن تيمية لملك قبرص في وقته  ( سرجوان ) النصراني ، ( حري بنا الاطلاع عليها كلها   ولو لا ضيق المكان لنقلتها  ولكن لديكم  إحداثياتها  فشمروا عن ساعد الجد  ) جاء منها  في  (ص 602 ) :  ( وقد عرف النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى ، وأطلقهم غازان ، وقطلوشاه ، وخاطبت مولاي فيهم فسمح بإطلاق المسلمين . قال لي : لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس ، فهؤلاء لا يطلقون ، فقلت له : بل جميع من معك من اليهود والنصارى ، الذين هم أهل ذمتنا ، فإنا نفكهم ، ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة ، وأطلقنا من النصارى من شاء الله ،وهذا من عملنا وإحساننا ) .

رحم الله ابن تيمية وأعاننا على فهم نصوص كتبه ، وبقية  نصوص علماء السلف رحمهم الله ،  اللهم أرنا الحق حقا ولا جعله ملتبسا علينا فنضل .   

    والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً