الجمعة الرابعة والاربعين / التاسع من ذي القعدة لعام 1440هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الثالثة بعد الثلاثمائة ( 303) في تعداد الجمع ، و الخمسين (50) في عام ( 1439هـ ) وتوافق ( 20/ 12 / 1439 هـ ) بحسب الرؤية .

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

اليوم سيكون حديثي عن ( ألبانيا ) ، إحدى دول إقليم البلقان جنوب شرق أوربا ( الذي كان ملء سمع وبصر العالم في أحداث البلقان الشهيرة في التسعينات الميلادية، وما صحبها من ويلات الحرب المخزية على إخواننا المسلمين في ألبانيا وكوسوفا والبوسنة والهرسك .

وحدود ألبانيا الجغرافية:  ( من الشمال الغربي الجبل الأسود ، ومن الشمال الشرقي كوسوفا ، ومن الشرق جمهورية مقدونيا ، ومن جهة الجنوب والجنوب الشرقي اليونان ، وتشرف على البحر الأدرياتيكي من جه الغرب وتطل من جهة الجنوب الغربي على البحر الأيوني) ،  

ونعرفها مرددين اسمها من تكرار اسم  الشيخ الأجل محدث هذا العصر ومجدده في الحديث الشيخ العلامة المحدث :  محمد ناصر الدين بن نوح الألباني – عليه وعلى علماء الأمة رحمة الله – ، المولود في عام ( 1332 أو 1333 هـ ـ 1914 م) في مدينة أشقودرة عاصمة ألبانيا ،  حيث كان والده مرجعا للناس يعلمهم ويرشدهم ،  ثم ترك والده ألبانيا مهاجرا بعائلته إلى الشام لما انحرف الملك أحمد زوغو  ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية ، حتى رحل الشيخ محمد من الشام ( سوريا ) إلى الأردن وتوفي فيها عام ( 1420هـ ) .

وداعي الحديث ، ما كنت أقرأوه هذه الأسبوع من كتاب عنوانه ( السياسة بين السائل والمجيب ) وهو مطبوع قديما فطبعته الأولى  ( 1989  ) ، من القسم العربي في القناة المشهورة ( BBC) ،  حيث كانت تقدم فيها حلقات مسموعة ، عبر أثير هذه  الإذاعة إجابة لأسئلة المستمعين من العالم العربي في مختلف الشؤون السياسية ( أحادثا وشخصيات ) ،  ثم طبعت حلقات البرنامج  في كتاب في خزانتي الجزء الأول والثاني منه ، من إهداء الأخ :  ممدوح إبراهيم – نضر الله وجهه – .

وجاء في الجزء الثاني ص ( 160 ) : السؤال : طلب نبذة عن رئيس ألبانيا السابق ، أنور خوجا ، وخليفته .

والمجيب هو : الدكتور ثيموتي دنمور  المحاضر في مادة أنظمة الحكم  ، والمختص بشؤون الكتلة الشرقية بجامعة إسكس البريطانية :

توفي أنور خوجا، رئيس البانيا السابق، في شهر إبريل نيسان ( 1985 م ) ، عن سبعة وسبعين عاما, وقد هيمن على السياسة الألبانية  لمدة أربعين عاما.

ولد أنور خوجا عام (  ۱۹۰۸ ) في البانيا، التي كان عندئذ جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وتلقى تعليمه في ألبانيا وفرنسا.

وكان قد ولد لعائلة مسلمة إلا أنه أصبح فيما بعد شيوعيا ملحدا.

 وبعد أن عاد من فرنسا إلى موطنه في الثلاثینات عمل مدرسا للعلوم لعدة سنوات. ودخل في تلك الفترة معترك المعارضة السياسية لنظام حكم الملك ( أحمد )  زوغو. وأصبح في عام ( 1941 ) أحد مؤسسي حزب العمال الألباني.

 وعندما غزا الألمان والإيطاليون ألبانيا تزعم أنور خوجا حركة المقاومة الشيوعية.وفي عام ( 1944 )  شكل الألبانيون المنتصرون حكومتهم الخاصة، التي قدر لأنور خوجا أن يتزعمها بقية حياته.

وقد ترك أنور خوجا بصماته السياسية والعقائدية منذ مستهل حياته العملية، بصفته شيوعيا متشددا ووطنيا مخلصا.

 وقد خاب أمله في الدول الشيوعية واحدة بعد الأخرى، وابتعد عنها عندما تبنت سياسات أكثر تحررا .

 فقد اختلف مع الاتحاد السوفيتي وحلفائه بشأن سياسة خروتشوف الإصلاحية في أوائل الستينات. وأصبح بعد ذلك يعتمد اعتمادا

شديدا على المساعدات الصينية. غير أن الصين أيضا بدأت بعد وفاة ماو تسي تونغ تسير في درب الاصلاح، فوجدت ألبانيا نفسها في عزلة تامة ضمن العالم الشيوعي .

وعلى الرغم من أن أنور خوجا بذل بعض الجهود لإقامة روابط اقتصادية مع اليونان ويوغسلافيا، المجاورتين لألبانيا، ومع بعض الدول الغربية، إلا أنه التزم بصفة عامة حتى وفاته بسياسة “ألبانيا المنيعة”، أي : سياسة اعتماد ألبانيا على نفسها.

وعلى الصعيد الداخلي، استمر أنور خوجا في فرض سياسة شديدة الصرامة. فقد منعت جميع الممارسات الدينية، كما حظرت جميع مظاهر التأثير الثقافي الغربي . ولم تكن هناك مناقشات سياسية تستحق الذكر، وقمعت جميع جوانب المعارضة لسياساته بقسوة بالغة.

 أما خليفته، رامز عليا، فكان في الواقع يدير شؤون البلاد منذ أوائل عام ( ۱۹۸5 ) ،عندما أصيب أنور خوجا بجلطة دموية في الدماغ أقعدته عن العمل.

وقد ولد رامز عليا في عام ( ۱۹۲5 ) ، لعائلة مسلمة فقيرة. وبعد أن اختلف مع حركة الشباب الفاشية أثناء الحرب العالمية الثانية انضم إلى اتباع خوجا. وبحلول عام ( 1944 ) وصل رامز عليا، وهو ما يزال في التاسعة عشرة من العمر، إلى رتبة مقدم. وترأس بعد ذلك

حركة الشباب الشيوعي کما شغل منصب وزير التربية والتعليم، قبل الانضمام إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي الألباني وهو في الحادية والثلاثين من عمره. وفي المكتب السياسي قضى فترة طويلة يتابع عن كثب الشؤون العقائدية والخارجية.

حل بعدها في عام ( ۱۹۸۲ ) محل محمد شیحو  کمرشح لخلافة أنور خوجا. وقد کرر رامز عليا علنا الالتزام بسياسة “ألبانيا المنيعة” التي أدخلها سلفه. غير أن هناك دلائل على أنه يفتح بهدوء أبواب ألبانيا أمام العالم الخارجي .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

لمشاركة المقالة على حسابكم الإجتماعي

Twitter
Facebook

اترك تعليقاً