الجمعة الخمسين / الثانية والعشرين من عام 1437هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة المئتين واثنتين (202) في تعداد الجمع ، والخمسين ( 50) في عام ( 1437هـ ) وتوافق (1437 / 12/22 ) بحسب التقويم وفي الرؤية اليوم الحادي والعشرين

  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

غازي  بن عبدالرحمن القصيبي –المدير والوزير والسفير  والشاعر – رحمه الله تعالى –في خزانتي من كتبه أو ممن  يتحدث عنه حتى حينه ( 36 ) كتابا ، فمثلا من  منكم لم يسمع أو يقرأ مقتبسات إن لم يكن كل ( حياة في الإدارة ) ، أو ( في عين العاصفة جمع لمقالاته التي نشرت في جريدة الشرق الأوسط وقت أزمة الخليج   ) ، أو (الخليج يتحدثون شعرا ونثرا ) أو ( صوت من الخليج  ) وقد أهداه لحمد القاضي  أو ( الغزو الثقافي ومقالات أخرى ) أو كتيب حمد القاضي عنه (قراءة في جوانب الراحل غازي القصيبي الإنسانية )  وستجد أن صاحب فكرة إنشاء جمعية الأطفال المعاقين  ، أو ( الوزير المرافق )  أو رواياته ومنها ( شقة الحرية ) فقد كان لها الحضور الكبير أيام التراشق في معركة ( الكاسيت ) في العقد الثاني من هذا القرن في أثناء وبعد أزمة الخليج  ، أو رواية ( سعادة السفير )  وهل هي واقع أو كما نصح في بدايتها : أن لا تصدق أي شيء تسمعه من الدبلوماسيين ، أو ( دينسكو ) ومن قرأها عرف مراده منها  أو ( العصفورية ) ، أو  ( أبو شلاخ البرمائي ) ، أو ( أمريكا والسعودية حملة إعلامية أم مواجهة سياسية ) ، أو ( عن قبيلتي أحدثكم ) ،تاريخي أدبي نقدي جميل وقال في إهدائه : ( إلى عبدالله الغذامي شيء من الشعرنة )  ، أو المقالات السبع ( ثورة في السنة النبوية ) ،أو  ( أزمة الخليج محاولة للفهم ) ، أو ( التنمية وجها لوجه ) ، أو ( التنمية الأسئلة الكبرى  ) ولغازي تعلق بناجي فله ( مع ناجي … ومعها ) أما المتنبي فينبيك مقتبساته منه كيف كانت علاقته معه  ، ولمن أراد بيت القصيد من شعر غازي فعليه ب( أبيات القصيد ) … الخ ،  توفي عن عمر يناهز السبعين عامًا في يوم الأحد ( 5 رمضان 1431 هـ ) الموافق ( 15 أغسطس 2010 ) الساعة العاشرة صباحًا في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض بعد معاناة طويلة مع المرض – رحمه الله وغفر له  ،  ومن آخر ما اقتنيتُ  له من كتبه  كتابه الطريف  ( العودة سائحا إلى كاليفورنيا )  وهو كتيب من القطع الوسط يقع في اثنتين وستين صفحة وطبعته دار الساقي  طبعته الخامسة عام ( 2007 )  : اخترت لكم منه  ( ص 10 ) ( البيروقراطية هي  البيروقراطية والتعليمات هي التعليمات حتى في بلاد العم سام ) .

( ص 11 ) حدثني صديق أمريكي أثق في بعض كلامه أن الولايات المتحدة تنظم الحصول على مبالغ نقدية تنظيما صارما : أي بنك يعطي أي زبون مبلغا نقديا يتجاوز  عشرة آلاف دولار عليه أن يبلغ تلك العملية إلى جهة مركزية في رقابة البنوك … والسبب أنه تبين أن ” الكاش ” كثيرا ما يستخدم في تمويل بيع المخدرات وبقية نشاطات المافيا ” .

( ص  13 ) في انتظارنا وقف ( أتوبيس ) صغير أعني ( حافلة ) فهذه من الكلمات القليلة الجديدة  التي وفقت مجامع اللغة العربية في نحتها . …..   ( قال أبو حكيم  : وله مع مجامع اللغة حكاية  كقوله ( كوابح ) : لم توفق مجامع اللغة هذه المرة ) أو ( دخلت في الجت لاج )  (ص 21 ) أي التعب الناشئ عن سفر بالطائرة يقترن بفارق كبير في التوقيت ، ” يا مجامع اللغة هل من ترجمة أقصر  ، وقد ترجمها صديقنا الروائي الكبير ( الطيب صالح) ، إن لم تخني الذاكرة ” قفزة الطائرة النفائة  ” فما رأي اللغويين ؟ ) ، ونعود ل ص ( 13 )  السائق ( إدوارد )  وقد أطلقت عليه لقب ” إدوارد الأول ” باعتبار أنه من المستحيل أن يكون قد وُجد قبله ” إدوارد ” آخر يماثله في الغباء والبرود والثرثرة والنحس … ( قال أبو حكيم : له معه حكايات مبثوثة في أثناء سياحته )

( ص  22 ) كان الوقت قبيل المغرب ، لا يساعد على النوم وكانت أجسادنا في منتهى الإرهاق … وقررنا أن نسهر قليلا حتى لا تضطرب مواعيد النوم الجديدة ، وانشغلتُ بكتاب . وانشغلت الزوجة بفتح الحقائب وترتيب محتوياتها ، وهذه مهمة يحسن بالزوج الحصيف أن لا يشارك فيها بقول أو فعل …  ولأول مرة يرى الأولاد هذه البدعة الأمريكية المزعجة “الإعلانات” التي تستغرق ( 18 ) دقيقة كاملة من كل ساعة ولولا وجود تشريع بهذا الحد الأقصى لما وقفت عندها .. .

( ص 23 ) في قبضة الإعلانات … وصل معها غازي – رحمه الله –  لثلاث استنتاجات بعد أن درس وحلل . ” أولها ” أن هذه الإعلانات لا تدلك على كيفية الحصول على حاجتك  … ولكنها تخلق في نفسك حاجات جديدة … ” وثاني استنتاجاته ” : أن الإعلانات كثيرا ما تستخدم   أسلوبا رخيصا – وربما كانت كلمة ” دنيئا ” أدق – في الوصول إلى هدفها  ، وهو إيجاد مركب نقص هائل لدى المشاهد أو المشاهدة ، الإعلان يوحي إليك أن فمك أشد بخرا من فم الأسد ليغريك بشراء معجون معين للأسنان ، وأن رائحة عرقك كفيلة  بصرع ثور أسباني ، ليدلك على ” مقاوم العرق ” ، وأنك بالضرورة ، عرضة لإرهاق عصبي جبار ، ليقترح قرصا من المسكنات . أما المشاهدة فمصيبتها أنكى وأعظم ، بالإضافة إلى روائح الجسد بمختلف تضاريسه وفتحاته ، توحي الإعلانات للمشاهدة بأنها أقبح من زوجة إبليس ، ما لم تسارع إلى استخدام نوع معين من مستحضرات التجميل ، وأنها أسمن من الدب القطبي ، وتدلها على نوع معين من الأطعمة ، وأن مطبخها أقذر من زريبة خنازير ، ثم تقترح مبيدا للحشرات . … وتصبح المشاهدة المسكينة شوهاء قرعاء يدب القمل على قرعتها وتعيث الصراصير فسادا في مطبخها ويجتنبها كل  رجل لديه ” نظر”  . وكل هذا لبيع زجاجة عطر أو قلم ” أحمر شفاه ”    أو مبيد حشرات  . لابد أن يكون هناك وسيلة ” أنظف ” و ” أنزه ” و ” أشرف ” من هذه الوسيلة لترويج المنتجات .  أما ” ثالثهما ”  وهي ظاهرة يلاحظها كل من قضى وقتا طويلا يشاهد الإعلانات ، تترى ، فهي التناقض الصارخ فيما بينها  حتى ليخيل للمشاهد أنها تضرب بسيوفها أعناق بعض …  لماذا هذا الصخب الإعلاني المكثف في أمريكا دون بقية العالم ، الأول والثاني والثالث ؟ من أراد الجواب فعليه بالصفحة رقم ( 26 ) وما بعدها .

( ص 30 ) … فجاءة تعبر ذهني فكرة تضايقني . أولئك الذين يريدون أن يزرعوا ” ديزني لاند ” متكاملة بين عشية وضحاها في – الرياض أو البحرين أو دبي – وما أكثرهم . كأن ” ديزني لاند ” فسيلة نخل نأخذها من هنا ونغرسها هناك  ( وبالمناسبة فقد بدأنا نستورد أنواع النخيل العربي من أمريكا … وعش رجبا ) .

… وهل لدينا من الوعي ما يجعلنا نصمم في مدينتنا المنتظرة ” سفينة ابن ماجد ” وجزيرة ” حي بن يقظان ” وأرض ” العماليق ” و ” قلعة الزرقاء ” ؟  عندما نتمكن من ذلك يجب أن نبدأ بالتخطيط لمدينتنا أما ” ديزني لاند ” فلندعها حيث هي . إنها ليست حديدا واسمنتا وحجارة ، إنها قطعة من الفولكلور الأمريكي . 

( ص 35 ) لماذا يتمتع عدد غير قليل من موظفي العالم بقدر لا بأس به من الوقاحة والشراسة في التعامل مع المراجعين ؟ السبب ، ببساطة لأنهم يدركون أن هؤلاء المراجعين مغلوبون على أمرهم .

فالفكرة الأولى التي تعبر رأس الموظف عندما يرى إنسانا واقفا أمامه هي :  لو كان  ” هذا ”  ” مهما ” لما وقف أمامي !.

والفكرة الثانية التي تتلوها مباشرة هي :

ما دام ” هذا ” غير مهم فلماذا أتكلف الأدب والرقة في التعامل معه ؟ .

ولو وقف المهمون في طوابير لتحسنت الخدمة المدنية عبر الكرة الأرضية بين يوم وليلة . ..

( ص 45 ) في اليوم التالي قرر ” المجلس العائلي الأعلى ” –الزوجة بمفردها !! – …

( ص 47 ) أما الهول الذي أجلت عنه الحديث فقد كان مسرحه السيارة الأخرى . بعد وصولنا قالت لي الزوجة :

كان سائقنا يقرأ الجريدة أثناء قيادة السيارة

ماذا ؟؟!!    – كان يقرأ الجريدة ويسوق السيارة في الوقت نفسه  .   كيف ؟!!  

– كان يفرشها  على بطنه الشامخة ، ويضع طرفها على عجلة القيادة ، ويوزع وقته بالعدل والقسطاس بين الطريق والجريدة  .    قلت : ألم تلفتي نظره إلى خطورة ذلك ؟!!   قالت : ألم تره ؟  إن وزنه يقارب ( 200 ) كيلو غراما .

قلت : ” الصمت حكم وقليل فاعله ”  .   قال أبوحكيم  : هو هكذا  “حكم ) : أي علم وفقه  كما قال ابن منظور في لسان العرب ) ، وأقول :  كيف بك ( أبا يارا ) لو نظرتنا في سياراتنا اليوم مع الجوالات لترحمت على صاحبك  سائق السيارة!!  .

( ص 57 ) … انقسمت المجموعة قسمين ” الزوجة والابنة والحماة ” ذهبن للتسوق وهو ، لمعلومات القارئ العازب : تبديد أكبر قدر ممكن من مال الزوج في أقل عدد ممكن من الفساتين .

 والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

اترك تعليقاً