الجمعة التاسعة والاربعين / الثامن عشر من ذي الحجة لعام 1436هـ

من مختارات أبي حكيم في الجمعة الحادية و الخمسين بعد المائة (151) في تعداد الجمع ، وهي التاسعة واﻷربعين (49) في عام (1436هـ ) وتوافق (1436 /12 /18 ) بحسب الرؤية ، وفي التقويم اليوم التاسع عشر .

الشيخ الإمام العلم العلامة أبو الفرج عبدالرحمن بن الجوزي – رحمه الله –  من أحفاد الفقيه فقيه المدينة القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي البكري القرشي البغدادي الحنبلي الواعظ – رضي الله عنهم –    ، ( قال أبو حكيم : فقهاء المدينة السبعة  المشهورين هم كما قال الناظم :

إذا قيل من في العلم سبعة أبحر   ….   روايتهم ليست عن العلم خارجة

فقل هم عبيد الله عروة قاسم    ….   سعيد أبو بكر سليمان خارجة .

وبالتفصيل :  عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود ، و عروة بن الزبير بن العوام ،  والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، و خارجة بن زيد ، وسابعهم أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث رضي الله عنهم ورحمهم وعنا معهم ) . 

ولد ابن الجوزي :  في  (508 أو 509 أو 510 هـ ) وتوفي – رحمه الله – عام (  597 هـ / 9 / 13  )

اشتهر بالوعظ وكان يحضر مجالسه الملوك والأمراء وبعض الخلفاء والأئمة الكبراء ، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة  قال سبطه أبو المظفر  قال أبو حكيم : ( سبط يعني : ابن بنت ابن الجوزي ) وأبو المظفر هذا – مع الأسف – له كتاب ( تذكرة خواص الأمة في خصائص الأئمة ) – مطبوع –  قال عنه ابن تيمية في منهاج السنة كما نقل ذلك يوسف العتيق في ( قصص لا تثبت ) – وتكلمنا عن في مختارة سابقة – فهذا الرجل يذكر في مصنفاته نوعا من الغث والسمين … وكان يصنف بحسب مقاصد الناس يصنف للشيعة ما يناسبهم ليعوضوه عن ذلك ، ويصنف على مذهب أبي حنيفة لبعض الملوك لينال بذلك أغراضه ، فكانت طريقته طريقة الواعظ الذي قيل له : ما مذهبك ؟ قال : في أي مدينة ؟

وفي ميزان الاعتدال قال الشيخ محي الدين السوسي : لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال : ( لا رحمه الله كان رافضيا ) .

قال السبط : سمعت جدي على المنبر يقول بأصبعي هاتين كتبت ألفي مجلدة ، وتاب على يدي مئة ألف ، وأسلم على يدي عشرون ألفا وكان يختم في الأسبوع ، وكان لا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس . ا. هـ

وألف رحمه الله في فنون شتى من :  تفسير ، وتاريخ ، وحديث ، وفقه  ، وتاريخ ، وأدب ، ولغة وكان رحمه الله لا يضيع من زمانه شيئا يكتب في اليوم أربع كراريس  فمن كتبه ( المنتظم في التاريخ)  مطبوع طبعات منها طبعة دار الكتب العلمية ( 17 مجلدا )  ومنها الكتاب الرائع ( صيد الخاطر) وغيرها ، والحاصل أن سبطه ذكر أن كتبه تنوف عن ( 250 )مؤلفا ، وذكر الذهبي عن المؤرخ ابن الدبيثي : قيل نيفت تصانيفه على الثلاث مائة  ، ونقل الذهبي عن المؤرخ البُزوري  أنها تزيد على ( 340 ) مصنفا ما بين عشرين مجلدا إلى كراس ، وقام الأستاذ عبدالحميد العلوجي بوضع كتاب في مؤلفاته  المخطوطة والمطبوعة  وطبع الكتاب طبعته الأولى في بغداد عام ( 1385 هـ )  وطبع هذا الكتاب طبعة جديدة ومزيدة عن جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت ووصل حصرهم إلى ( 372 ) مؤلفا ما بين مخطوط ومطبوع في الطبعة الأولى  وفي الطبعة الجديدة والمزيدة صار عدد المؤلفات ( 574 ) مؤلفا ما بين مطبوع ومخطوط .

وما بين أيدينا الآن كتاب لطيف في عنوانه  ( تنوير الغبش في فضل السودان والحبش ) طبعته دار الشريف الطبعة الأولى ( 1419هـ )  ( حققه : مرزوق بن  على بن إبراهيم ) ، يقع الكتاب في ( 322 ) صفحة من القطع العادي ( 17 × 24 سم ).

ولم يُسبق – رحمه الله – لهذا الفن  فمن جاء بعده عالة عليه فألف السيوطي ( رفع شأن الحبشان ) و ( أزهار العروش في أخبار الحبوش وهو تلخيص لسابقه ، و( نزهة العمر في تفضيل البيض والسمر ) ، ولخطيب المدينة ( 991هـ ) محمد بن عبدالباقي البخاري أبي المعالي كتاب ( الطراز المنقوش في أوصاف الحبوش )  ونفس العنوان لنور الدين علي بن إبراهيم بن أحمد الحلي ثم القاهري .

قال ابن الجوزي في مقدمة كتابه : أما بعد : فإني رأيت جماعة من أخيار الحبشان تنكسر قلوبهم لأجل اسوداد الألوان ، فأعلمتهم أن الاعتبار بالإحسان لا بالصور الحسان ، ووضعت لهم هذا الكتاب في ذكر فضل كثير من الحبش والسودان ، وقد قسمته ثمانية وعشرين بابا  ، والله المستعان .

ومن طريف الأبواب البابُ الرابعُ والعشرون : في ذكر من كان يؤثر الجواري السود على البيض  ومن كان يعشقهن ومن مات من عشقهن !! .

أحب لحبها السودان حتى   ……     أحب لحبها سود الكلاب

وذكر هذا البيت في خبر لا يثبت عن عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنهما  .

ومن ذلك ما ذكره محمد بن سلام قال : عرض إنسان أسود لامرأة كان لها ابن عم يعشقها فأجابت الأسود فقال ابن عمها :

شابت أعالي قروني وانجلى بصري   ….    فما أحدث عن قمرية الوادي

نُبئت أن غرابا ظل محتضنا قمرية    ….    فوق أغصان وأعواد

ثم في الختام أقول : قال المرزبان وأخبرني إسحاق بن أبان عن العتبي أنه قال في جارية سوداء كانت له :

ثكلتها إن لم يكن وجهها    ….   أحسن عندي من رجوع الشباب

والمعاني في هذا كثيرة  ومن قرأ الكتاب وجد فيه ما رُمت إليه  من نبذ العنصرية المقيتة .

والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

اترك تعليقاً