السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان من ألهم ابن الجوزي – رحمه الله – هذه العلوم والفوائد ، وقد قيدها باسم ( صيد الخاطر) فأي بحر خضم يصيد منه ، إذا كان هذا بعض صيد خاطره والكتاب أشهر من أن يعرف ، فقد قال في فصل ( من لطائف القرآن ) :
(تفكرت في السر الذي أوجب حذف آية الرجم من القرآن لفظا . مع ثبوت حكمها إجماعا ، فوجدت لذلك معنيين ، أحدهما : لطف الله تعالى بعباده في أنه لا يواجههم بأعظم المشاق . بل بذكر الجلد ، وستر الرجم ، ومن هذا المعنى قال بعض العلماء : إن الله تعالى قال في المكروهات ( كُتب عليكم الصيام ) ، البقرة 183 ، على لفظ ما لم يُسمَّ فاعله ، وإن كان قد علم أنه هو الكاتب ، (قال أبو حكيم : كان الأقدمون يعبرون عما نقول عنه مبني للمجهول ب ( ما لم يُسمَّ فاعله ) أدبا – رحمهم الله تعالى – وتجد اليوم من ينادي للعودة لهذا الأسلوب ) ، فلما جاء إلى ما يوجب الراحة قال : ( كَتب ربكم على نفسه الرحمة ) الأنعام 54 .
والوجه الثاني : أنه يبين بذلك فضل الأمة في بذلها النفوس قنوعا ببعض الأدلة فإن الاتفاق لما وقع على ذلك الحكم كان دليلا . إلا أنه ليس كالدليل المقطوع بنصه . ومن هذا الجنس شروع الخليل عليه الصلاة والسلام ، في ذبح ولده بمنام ، وإن كان الوحي في اليقظة آكد ).